مقالات

تحدّي الأقنعة: كيف يتغلب نظام التعرف على الوجوه على عقبات الأمان في زمن الأوبئة

يتحرك عالم التكنولوجيا بسرعة كبيرة، ويبدو أن أنظمة التعرف على الوجوه تتحرك معه. لذا تعمل بعض أكبر الأسماء في مجال التكنولوجيا على تطوير أنظمة متقدمة للتعرف على الوجوه وبيعها للحكومات في جميع أنحاء العالم، ولكن هذه الشركات واجهت العديد من الصعوبات، خاصة مع انتشار وباء Covid-19.

نحن نعلم أن أقنعة الوجه تساعد في حماية الآخرين من فايروس Covid-19، ويبدو أنها توفر أيضًا بعض الحماية ضد تقنية التعرف على الوجه. حللت دراسة أولية من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) مدى نجاح نظام التعرف على الوجوه عند تحديد الأشخاص الذين يرتدون الأقنعة الواقية. بشكل عام، فشلت خوارزميات التعرف على الوجوه في تحديد 20-50٪ من صور الأشخاص الذين يرتدون أقنعة الوجه.

تنوع أداء هذه الخوارزميات بناءً على شكل القناع ولونه. عادةً يكون التعرف على الوجه أكثر دقة عند تطبيقه على الأشخاص الذين يرتدون أقنعة مستديرة، بينما يمكن أن تكون الخوارزميات أقل دقة عندما يرتدي الأشخاص أقنعة سوداء، مقارنةً بالأقنعة الزرقاء.

بدأ الأشخاص العاديون بملاحظة هذه المشاكل عند محاولة فتح قفل جهاز الـ iPhone الخاص بهم باستخدام تقنية الـ Face ID أثناء ارتدائهم للأقنعة الواقية. حيث يوضح باحثو NIST أن خوارزميات التعرف على الوجه يتم تدريبها بشكل عام للتعرف عليك بناءً على جوانب هندسة وجهك، ويخفي القناع الواقي جزءًا كبيرًا مما تحاول الخوارزميات تحليله، أي أنفك وفمك.

هذا قد يبدو بمثابة خبر جيد لأولئك الذين يقلقون بشأن خصوصيتهم ويهتمون بإيجاد طرق للهرب من تقنية التعرف على الوجوه. ولكن، هذه الأخطاء هي أخطاء مؤقتة، حيث تتسابق الشركات التي تنتج تقنية التعرف على الوجوه لتحديث خوارزمياتها للتكيف مع أغطية الوجه بشكل أفضل.

ومن أوائل الشركات التي نجحت في تحديد هوية الأشخاص حتى عندما يرتدون أقنعة، كانت شركة NEC اليابانية، حيث أن خوارزمية هذه الشركة تكيفت مع الوضع الطبيعي الجديد لأغطية الوجه. وتقول الشركة إن التحقق يستغرق أقل من ثانية واحدة وتزعم أن معدل الدقة يزيد عن 99.9٪.

وامتنعت شركة إن إي سي عن الكشف عن سعر النظام. وتستهدف مبيعات بقيمة 100 مليار ين ياباني (أي 970 مليون دولار) في السنة المالية 2021 لأعمالها المتعلقة بالقياسات الحيوية وتحليل الفيديو، والتي تشمل أنظمة وتكنولوجيا التعرف على الوجوه.

كيف تم تدريب هذه الخوارزميات

يتم تدريب هذه الخوارزميات على مجموعتين من الصور الأولى تتعرف فيها الخوارزمية على الوجه والثانية تتعرف فيها على القناع.
لتقوم قاعدة البيانات بالاحتفاظ بصورتين لكل شخص لتقارنهما في وقت لاحق.

 آلية عمل هذه الخوارزميات

بعد تدريب هذه الخوارزميات على مجموعة من الصور، يكون هناك أربع خطوات عامة في آلية عمل هذه الخوارزميات:

الخطوة الأولى: كشف الوجه

أولاً، ستكتشف الكاميرا وتتعرف على وجه الإنسان حيث أنه يمكن أن يكون إما وسط حشد من الناس أو بمفرده. ويتم اكتشافه بسهولة عندما ينظر الشخص مباشرة إلى الكاميرا.

الخطوة الثانية: تحليل الوجه

بعد اكتشاف صورة الوجه وتحديدها يتم فصل الوجه إلى معالم يمكن تمييزها، يمكننا تسمية هذه المعالم بالنقاط العقدية. الوجه البشري له ثماني نقاط عقدية. ستعمل تقنية التعرف على الوجوه على تحليل كل نقطة من هذه النقاط على سبيل المثال، المسافة بين حاجبيك. لكن عند وضعك للقناع الواقي ستلاحظ تقنية التعرف على الوجوه أن بعض من هذه النقط العقدية مفقود. وهنا يأتي دور الصور المخزنة في قاعدة البيانات، حيث يتم مقارنة النقاط العقدية المتوفرة بالنقاط العقدية الموجودة في قاعدة البيانات، ومطابقتها مع النقاط العقدية المفقودة.
ومن الجدير بالذكر أن هذه التقنية تركز على النقاط العقدية الموجودة في منطقة العيون بشكل كبير.

الخطوة الثالثة: تحويل الصورة إلى بيانات

بعد التحليل، تصبح كل نقطة عقدية رقمًا في قاعدة بيانات النظام. يشار إلى الرمز العددي بأكمله باسم بصمة الوجه. تمامًا مثلما يتمتع كل شخص ببصمة إبهام فريدة، يتمتع كل شخص أيضًا ببصمة وجه فريدة.

الخطوة الرابعة: المطابقة

الخطوة الأخيرة من العملية هي إيجاد تطابق. تتم مقارنة بصمة وجهك بقاعدة بيانات لرموز الوجه الأخرى. وتعتمد عملية المطابقة على عدد الوجوه التي تتم مقارنتها على قاعدة البيانات وعدد قواعد البيانات التي يمكن للبرنامج الوصول إليها.

 

أهمية تقنية التعرف على الوجوه

يمكن تطبيق تقنية التعرف على الوجه في العديد من المجالات. لكن واحد من أهم هذه المجالات هو مجال السلامة والأمن، حيث  تستخدم الجهات الأمنية هذه التكنولوجيا للكشف عن المجرمين أو للعثور على الأطفال أو كبار السن المفقودين.

ومن الأماكن الهامة التي تستخدم فيها هذه التكنولوجيا هي المطارات، و تتوقع وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أنه سيتم استخدامها على 97 بالمائة من المسافرين بحلول عام 2023. عندما يعلم الناس أنهم يخضعون للمراقبة، فمن غير المرجح أن يرتكبوا جرائم، لذا فإن إمكانية استخدام تقنية التعرف على الوجه يمكن أن تردع الجريمة.

 التهديدات والمخاوف التي تسببها تقنية التعرف على الوجوه

على الرغم من أن التعرف على الوجه قد ساعد العديد من الشركات والبلدان على تعزيز أمنها، إلا أن هذه التكنولوجيا تثير مخاوف كبيرة لكثير من الناس وتشعرهم بالقلق من أن التعرف على الوجه يعد انتهاكًا للخصوصية. علاوة على ذلك، من الممكن اختراق قواعد البيانات التي تستخدمها أنظمة تحديد الوجه، وبالتالي يتم إساءة استخدام البيانات. هذا، إلى جانب حقيقة أن سوق المراقبة ينمو بشكل كبير وأن أنظمة التعرف على الوجوه يمكن العثور عليها في كل جانب من جوانب الحياة تقريبًا، هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يعارضون هذا النوع من التكنولوجيا.

 مستقبل تقنية التعرف على الوجوه

مستقبل التعرف على الوجه واعد بشكل لا يصدق. على الرغم من استمرار وجود مشكلات كالمشكلة التي تطرقنا لها، إلا أننا ما زلنا متقدمين عما كنا عليه قبل 5-10 سنوات. ستستمر هذه الصناعة في النمو وستمهد الطريق لإيرادات ضخمة محتملة في السنوات العديدة القادمة. المجالات الرئيسة التي ستتأثر بشدة بهذه التكنولوجيا هم المراقبة والأمن. ومع ذلك، ستكون المدارس والجامعات والمستشفيات أيضاً من بين المستفيدين.

تتقدم بعض البلدان على المنحنى أكثر من غيرها فيما يتعلق بهذه التكنولوجيا. على سبيل المثال، تُستخدم تقنية التعرف على الوجوه في الهند من أجل منع الاحتيال في أجهزة الصراف الآلي. والولايات المتحدة طبقت ميزة التعرف على الوجه على أمن المطارات من أجل تحديد الزوار وتسجيلهم. هناك أيضًا العديد من الولايات داخل الولايات المتحدة التي تقوم بمطابقة صور الأشخاص مع بطاقات الهوية ورخص القيادة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock